اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك.
فتاوى وأحكام في نبي الله عيسى عليه السلام
40503 مشاهدة
اعتراف عيسى بأن الإله هو الله تعالى

[س 33]: هناك نص في إنجيل متى الإصحاح (27) فقرة (45، 46) يقول: ومن الساعة السادسة كانت ظلمة على كل الأرض إلى الساعة التاسعة. ونحو الساعة التاسعة صرخ يسوع بصوت عظيم قائلا: إيلي إيلي لما شبقتني (أي: إلهي، إلهي لماذا تركتني؟). فهذا نص واضح صريح في تناقض الإنجيل لسببين بينين:
الأول: اعترافهم أن عيسى -عليه السلام- قال: إلهي، ولم يقل: أبي.
الثاني: كيف يكون أنزل ليصلب من أجل تكفير ذنوب البشر- كما يزعمون- ويصرخ بصوت عال: لماذا تركتني، معترضا على الأمر الذي من أجله أنزل؟
هل هناك تعليق أو إضافة لفضيلتكم- رعاكم الله- على هذا النص الموجود في الإنجيل؟
الجواب: هذا النص كغيره من النصوص في التوراة والإنجيل والقرآن كثيرة واضحة الدلالة على اعتراف عيسى بأن الإله هو الله تعالى، وهو ربه ورب الناس كلهم، فهو مثل قوله في سورة المائدة: مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وقوله في سورة آل عمران: إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ وفي سورة مريم: وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ وفي سورة الزخرف: إِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ كما أخبر بأنه مرسل من ربه في قوله تعالى: وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ ونحو ذلك من الأدلة.
ويشهد بذلك العقل والنقل وكتب الله المنزلة على رسله قبل عيسى التي فيها تنزيه الله تعالى عن الصاحبة والولد، وعن الند والشبيه والمثيل، وترد قول النصارى في عيسى
وقد أطال علماء هذه الأمة في الرد عليهم، وبيان سخافة عقولهم؛ حيث زعموا أن الرب تعالى تمثل في عيسى وظهر للناس بصورة بشر يأكل ويشرب، ويحتاج إلى التخلي، أو اعتقاد أن عيسى ابن الله تعالى، وأنه مع ذلك قد خذله وسلط عليه أعداءه حتى ضربوه ووضعوا الشوك على رأسه وقتلوه، ثم صلبوه، وقد تخلى عنه أبوه الرب الذي بيده تصريف الكون، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا .